امبراطور القمار والاعلام

شيلدون أديلسون.. إمبراطور القمار والإعلام الذي يشتري أحلام إسرائيل بملياراته

  • شيلدون أديلسون.. إمبراطور القمار والإعلام الذي يشتري أحلام إسرائيل بملياراته
  • شيلدون أديلسون.. إمبراطور القمار والإعلام الذي يشتري أحلام إسرائيل بملياراته
  • شيلدون أديلسون.. إمبراطور القمار والإعلام الذي يشتري أحلام إسرائيل بملياراته
  • شيلدون أديلسون.. إمبراطور القمار والإعلام الذي يشتري أحلام إسرائيل بملياراته
  • شيلدون أديلسون.. إمبراطور القمار والإعلام الذي يشتري أحلام إسرائيل بملياراته
  • شيلدون أديلسون.. إمبراطور القمار والإعلام الذي يشتري أحلام إسرائيل بملياراته

اخرى قبل 6 سنة

 

شيلدون أديلسون.. إمبراطور القمار والإعلام الذي يشتري أحلام إسرائيل بملياراته

ميرف عوف

المتتبّع للسياسات الأمريكيّة تجاه القضيّة الفلسطينيّة، قد يرى بأنّ قرارات الرئيس الأمريكي ترامب صادمة لدرجة غير معهودة، برغم دعم الرؤساء السابقين لإسرائيل، فخلال بضعة شهور أقدم ترامب على نقل السفارة الامريكية من تل أبيب إلى القدس، وهو القرار الذي تحفّظت عليه الإدارات الأمريكية السابقة، كما أوقف دعم منظمة «الأونروا» وأمر بإغلاق مكتب منظمة التحرير الفلسطينية.

في هذا الملفّ، يبرز دور شخصيّة أمريكيّة من أصل يهودي قريبة من الرئيس الأمريكي، تحرّكها زوجة إسرائيلية، من أجل التأثير على قرارات الرئيس الأمريكي ترامب من أجل المزيد من الانحياز ودعم إسرائيل: إن الملياردير ورجل الأعمال الأمريكي شيلدون أديلسون وزوجته مريام أوكشورن، اللذين دفعا أكبر كميّة من الأموال في جيب الحزب الجمهوري الأمريكي من أجل إيصال ترامب إلى كرسيّ الرئاسة. في هذا التقرير نتعرّف على هذا الشخص الغامض وزوجته، الذين بَكَيا فرحًا عند فوز ترامب بالرئاسة.

أديلسون.. الوحيد الذي زف في الكنيست الإسرائيلي

وُلد إمبراطور كازينوهات القمار الأمريكي، شيلدون أديلسون عام 1933 في الحيّ الأمريكي الفقير دورشيستر بمدينة بوسطن، إذ كان والده اليهودي يعمل سائقًا سيارة أجرة، فيما كانت والدته تعمل خيّاطة.

Emb

تمرّد الفتى أديلسون على الفقر مبكرًا، فحين بلغ الثانية عشر من العمر عجّل باقتراض 200$ دولار من عمه،ليفتتح كشكًا لبيع الصحف، وكانت تلك الخطوة الأولى له في عالم المشاريع التجارية التي أوصلته حين بلغ الثلاثينيات من عمره ليصبح مليونيرًا متجاوزًا في كل مرة خسارته التجارية، أمّا العلاقة الفارقة في مشاريعه فهي تأسيسه في السبعينيات مع عدد من الشركاء شركة «كومديكس» التي كانت تنظم أكبر معارض الكومبيوتر في أمريكا، ثم بعد ذلك اقتحم عالم القمار في المدينة الأشهر لاس فيجاس، وتوسّعت تجارته في ذات المدينة فاشترى فندق «ساندس» بـ 128 مليون دولار عام 1988، ثم الفندق «البندقي»، الأكثر تكلفة وربحية في تاريخ المدينة.

لقد أصبح أديلسون بعد عدة سنوات ملك إمبراطورية الكازينوهات والقمار التي أصبحت تدرّ عليه أرباحًا كمنجم للذهب، وقد توسّعت هذه الإمبراطورية خارج حدود الولايات المتحدة إلى العالم كلّه، ففي الصين أقام الرجل الكازينو الأكثر ربحية له في جزيرة ماكاو الصينية، وقد ظل أديلسون ثابتًا في قائمة أغنى 10 أشخاص في العالم لسنوات عدة، وقد احتلّ في العام 2017 المركز 14 في قائمة أغنى الأشخاص في الولايات المتحدة، بثروة قدّرت بأكثر من 34 مليار دولار.

وبعد طلاق أديلسون  لزوجته الأولى ساندرا، تغيرت اهتماماته بشكل واضح، إذ بدأ يتّجه أكثر إلى الحياة السياسيّة ويوسّع نفوذه بها، خصوصًا بعد زواجه الثاني من اليهودية الإسرائيلية مريام أوكشورن، حتى أنه كان الوحيد الذي حوّل الكنيست (البرلمان) الإسرائيلي إلى قاعة أفراح من أجله حين احتفل بزفافه من أوكشورن في العام 1991، وإثر هذا الزواج أصبح أديلسون ذا مواقف متطرفة بوضوح تجاه الفلسطينيين، إذ أعلن أنّه يعارض بشدّة إقامة دولة فلسطينية، وعبّر عن ذلك في العديد من المرات.

صديق نتنياهو المخلص الذي يسانده بسلاح الإعلام

في اليوم الأخير من سبتمبر (أيلول) عام 2014، ألقى نتنياهو خطابًا أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة، ثم مضى لتلبية دعوة خاصة على مأدبة غداء مع صديقه الملياردير شيلدون أديلسون.

تناول الرجلان وجبتهما في المطعم الإيطالي «Fresco by Scotto» في مانهاتن، أشهر مناطق مدينة نيويورك، وقد أُغلق المطعم أمام الآخرين وأحاطت به حراسة شديدة. هذا اللقاء الذي من المفترض أن يسرّ الإسرائيليين المحتفين دومًا بداعميهم من الأمريكيين، أحدث ضجة وغضب بين المتدينين منهم، لكون نتنياهو تناول طعامًا ليس «حلالًا»، إذ تناول أضلاع لحم العجل المحرّم على اليهود بموجب الهلاخاه (الشريعة اليهودية).

هذه الحادثة على بساطتها لم تكن الوحيدة التي تجمع بين اسم نتنياهو وأديلسون في المجتمع الإسرائيلي، فقد أراد الملياردير الأمريكي التأثير في الداخل الإسرائيلي من أجل دعم تيّار اليمين المتطرف، وكانت واحدة من أهم وسائله في ذلك هو تملّك وسائل الإعلام، من خلال خلق ثورة في الصحف المجانية في دولة الاحتلال، كان ذلك مع صدور صحيفة «يسرائيلي» بداية ثم إنشاء أديلسون لصحيفة «إسرائيل اليوم» التي أصبحت ناطقة باسم نتنياهو، وباسم الحكومة اليمينية برئاسته.

قرّر أديلسون أن يستثمر نحو 180 مليون دولار في هذه الصحيفة المجانية في غضون الأعوام الثلاثة الأولى لها، ويهدف أديلسون -بعد فشل في شراء صحيفة «معاريف»- أن تتيح له هذه الوسيلة مدّ جسور الصلة مع الرأي العام الإسرائيلي، وهو ما سيعود بالنفع على حليفه نتنياهو. كما يسعى أيضًا لتمرير أجندة تخدم أهدافه من خلال الضغط على السياسيين الاسرائيليّين، وتهديدهم بالتعرّض لحملات التعتيم أو الإقصاء من قبل وسائل الإعلام التابعة له.

فقد تم تداول اسم أديلسون في قضية المحادثات بين السياسيين والإعلاميين، حين كشف صحفي إسرائيلي أن نتنياهو خلال الحملة الانتخابية عام 2013 تحدث مع محرر صحيفة «إسرائيل اليوم»، عاموس ريغيف 15 مرة خلال 19 يومًا، إذ كان يتصل بريغيف، وكذلك أديلسون مالك تلك الصحيفة في منتصف الليل، وفي الساعات الحاسمة قبل كتابة العناوين الرئيسية في الصحيفة التي ستنشر في اليوم التالي، وقد كتبت هذه الصحفية ضد خصم الليكود «البيت اليهودي».

 وفي أحد العناوين كتب استخفافًا بمعاملة هذا الحزب مع النساء تحت عنوان «حزب البيت اليهودي ضد النساء»، بل إن اسم أديلسون وزوجته ورد في إطار تحقيقات قضايا الفساد المتهم بها نتنياهو، وخاصة القضية (2000) التي تتعلق بشبهات حول تفاوض نتنياهو في العام 2015 مع مالك صحيفة «يديعوت أحرونوت»  كي تصبّ تغطيتها الإخبارية لصالح نتنياهو.

وعلى نطاق أخطر، يعمل أديلسون في مواجهة نشاطات حركة المقاطعة (BDS) ضد دولة الاحتلال، ففي مناسبة الذكرى السبعين لتأسيس دولة الاحتلال، قدم أديلسون أكبر تبرّع لمنظمة «بورترايت» منذ إنشائها، بمبلغ قدره 70 مليون دولار كي يستمر برنامج «بيرثرايت» وهو البرنامج الذي يجلب الشباب اليهود من العالم إلى الأراضي المحتلّة في رحلات قصيرة ويتم تمويله بشكل مشترك من قبل الحكومة الإسرائيلية. ويقترب هذا البرنامج من كسر رقمه القياسي في عدد الزيارات التي يجريها الشباب اليهودي إلى دولة الاحتلال بالوصول إلى 50 ألف مشترك في السنة القادمة.

ويعرف عن أديلسون وزوجته عطائهما السخي لحملات الاستيطان اليهودي، إذ قاما مؤخرًا بافتتاح كليّة الطب الجديدة في جامعة «أريئيل» المقامة في مستوطنة «أريئيل» في الضفة الغربية المحتلة، كما تعهّد آديلسون -إضافة لبنائها- بالتبرع بمبلغ 20 مليون دولار للجامعة الاستيطانية، التي يقاطعها الأكاديميون في أنحاء العالم.

عرّاب نقل السفارة الأمريكية للقدس

في مايو (آيار) 2018، كان أديلسون وزوجته يجلسان في الصف الأول خلال حفل افتتاح السفارة الأمريكية في القدس، نظرت مريام إلى وجه ابنة ترامب إيفانكا؛ نظرة الممتن إلى والدها الذي أوفى بوعده ونقل السفارة، وتذكرت هذه الإسرائيلية أن بكاءها من الفرحة يوم فاز ترامب في الانتخابات لم يذهب هباءً.

لقد استغرق ترامب وقتًا قصيرًا للإيفاء بهذا الوعد الذي قطعه، لكنه وقت مُقلق على نفس أديلسون الذي ظلّ يذكّر ترامب بخطابه أمام لجنة «أيباك» ذراع اللوبي الصهيوني في واشنطن، الذي ألقاه في مارس (آذار) 2016، والذي تعهّد خلاله بنقل السفارة من تل أبيب إلى القدس.

 وبقي أديلسون على اتصال مباشر ومستمرّ مع ترامب حتى تحقّقت مطالبه بنقل السفارة إلى القدس، بالإضافة إلى الكثير من القرارات الأخرى المعادية للفلسطينيّين، وأهمها وقف دعم منظّمة «الأونروا»، بقطع المساعدات عن الفلسطينيين بقيمة 200 مليون دولار. وقد غفر أديلسون لترامب خضوعه لضغوط مستشاريه في يونيو (حزيران) 2017، حين قرّر توقيع إعفاء نقل السفارة، قبل أن يتراجع عند ذلك في 27 نوفمبر (تشرين الثاني) 2017، ويبدي إصراراً على الإيفاء بوعده الانتخابي.

ويذهب تقرير «نيويورك تايمز» للكشف عن المخطّط الذي جرى ترتيبه بأن يكون الإعلان عن نقل السفارة وقت غروب الشمس بداية السبت اليهودي حتى يكون أشخاص مثل أديلسون حاضرين، ويضيف التقرير: «نقل السفارة والتحركات الأخرى هي جزء من رؤية أديلسون الذي يعتقد أن إسرائيل تعيش وضعًا وجوديًا غير واضح»، وتنقل الصحيفة عن مورتون كلاين، صديق الملياردير والمؤيّد لإسرائيل قوله: «إن أديلسون السعيد جدًا. اتصل به من سيارته بعد لقائه مع الرئيس المنتخب الذي وعد بنقل السفارة. وقال له: «مورت لقد جئت من برج ترامب ووعدني دونالد ترامب بنقل السفارة إلى القدس في ولايته الأولى».

لم يكتف أديلسون بما سبق، بل كانت له خطوات أكثر عملية في مشروع نقل السفارة، إذ أعلن عن استعداده لبناء مبنى السفارة الأمريكية الذي يكلف نصف مليار دولار، بل ذهب أديلسون حدّ تقديم طائرة بوينج 767 للوفد الرسمي الحكومة الغواتيمالية لنقله إلى دولة الاحتلال، وبرغم حظر القانون الغواتيمالي قبول مثل هذه الهدايا إلا أن الأمر جاء مكافأةً لهذه الحكومة التي نقلت سفارتها من تل أبيب إلى القدس.

أغرق الحزب الجمهوري بالأموال لحماية «إسرائيل»

ينفق شيلدون أديسون بسخاء شديد على النشاطات السياسية والحملات الانتخابيّة من أجل تمرير أجندته، إذ يعتبر أكبر داعم اقتصادي للحزب الجمهوري منذ مساهمته في حملات جورج دبليو بوش الرئاسية بين عاميّ 2001-2009، أما في في انتخابات عام 2012، فقد أنفق الرجل المبلغ الأكبر أيضًا وكان 98 مليون دولار، خُصص منها مبلغ 30 مليون منها لحملة مرشح الحزب ميت رومني الذي هزم أما الرئيس السابق باراك أوباما.

أغدق أديلسون بالمال على هذا الحزب حتى أنه وزوجته أصبحا من كبار المتبرعين للحزب الجمهوري، بل كانا الأبرز في وقت خفف فيه المتبرعون من دعمهم للحزب، ويذكر تقرير «نيويورك تايمز» أنه: «ظهر أديلسون كأكبر منفق على حملة انتخابية جمهورية وطنية، وكأكبر متبرّع على انتخابات فيدرالية في مجمل السياسة الأمريكية حسب الأرقام المتوفرة، لقد كان أديلسون أهم المتبرعين للحزب الجمهوري في الانتخابات النصفية هذا الخريف».

 ويتابع التقرير : «هذا الحزب الذي يقف مع إسرائيل دون تسامح مع أعدائها في الشرق الأوسط بالإضافة لالتزامها بإزالة القيود على التعاملات التجارية وتخفيض الضرائب، مؤخرًا دفع وزوجته في الأشهر القليلة الماضية 55 مليون دولار للجماعات التي تعمل من أجل الحفاظ على الوضع في الكونغرس كما هو، أو بالأحرى لينفق هذا المال على القضايا التي يدعمانها».

فيما يتعلق بالمال الذي مُنح لحملة ترامب الرئاسيّة، فقد كان أديلسون أكبر مانح فردي له بمبلغ 30 مليون دولار، أمّا حملات المرشّحين الجمهوريين فقد حصلوا منه على أكثر من ثلاثة أضعاف، إذ أعطاهم أديلسون 82 مليون خلال دورة الانتخابات 2016.

 وحسب تقرير «واشنطن بوست» فإن: «أديلسون وزوجته كانا أكبر المتبرعين للحزب الجمهوري في الانتخابات الثلاث الأخيرة، إذ تبرّعا بمبلغ 30 مليون دولار لمساعدة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب لهزيمة منافسته الديمقراطية هيلاري كلينتون، عشية الانتخابات الرئاسية في عام 2016 وهو ما اعتبر في حينه المبلغ الأكبر في تاريخ ضخ الأموال التي أنفقت في الأسبوع الأخير من الحملة الانتخابية».

 وتكشف الصحيفة أن: «أديلسون وزوجته ميريام أديلسون تبرعا بمبلغ 25 مليون دولار للجنة عمل سياسي أو ما يُعرف بـ«سوبر باك» المكرّسة لدعم الجمهوريين في الانتخابات النصفية لمجلس الشيوخ الأمريكي التي ستعقد يوم 6 نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل».

 ويتابع التقرير: «وهو ما يعني وصول قيمة تبرع الزوجين في جولة الانتخابات الحالية مع هذا التبرع إلى 55 مليون دولار على الأقل، بعد تبرعهما بثلاثين مليون دولار في شهر مايو (أيار) إلى صندوق قيادة الكونغرس، وهي لجنة عمل سياسي تدعم مرشحي الحزب الجمهوري لمجلس النواب، مما يجعل من الزوجين أكبر متبرعين في الحملات الانتخابية لانتخابات منتصف الولاية للكونغرس».

يتجسّس على النشطاء ويشنّ حربًا على حملة مقاطعة الاحتلال

يعمل أديلسون في عدّة اتجاهات ليثبّت نفسه كشخصية مؤثرة في السياسة الأمريكية من خلال إنفاقه الأموال الطائلة على الحملات الانتخابيّة وعلاقاته مع السياسيّين وحتى الرؤساء، بل وصل به الأمر إلى حدّ مضايقة النشطاء الأمريكيين الداعمين للقضية الفلسطينية، إذ كانت الناشطة الأمريكية ذات الأصول الفلسطينية ليندا صرصور أحد ضحاياه، فقد قام بالتجسس عليها كونها ناشطة قوية في حركة المقاطعة ضد الاحتلال (BDS).

تشير التسريبات الصحافية إلى أنّ شركة «إسرائيل سايبر شيلد» قامت بجمع معلومات عن صرصور وأسرتها وسلمتها لمنظمة «Act.il» التي يمولها أديلسون، واستخدمت المعلومات لحملة مضادة لنشاطات حركة المقاطعة، وقد موّل أديلسون عملية جمع المعلومات عن صرصور، كما موّل هجومًا شخصيًا على الممثلة ناتالي بورتمان التي رفضت جائرة إسرائيلية بسبب سياسات الاحتلال، بل دفع أديلسون مؤخرًا أموالًا لبناء مقر جديد للجنة الشؤون العامة الأمريكية الإسرائيلية (آيباك) التي تعد أقوى جماعة ضغط مؤيدة للاحتلال في واشنطن.

ساسه بوست

التعليقات على خبر: شيلدون أديلسون.. إمبراطور القمار والإعلام الذي يشتري أحلام إسرائيل بملياراته

حمل التطبيق الأن